مقدمة :
شهدت آوربا خلال القرنيين 15 و 16 حركات إصلاحية دينية تزعمها دينيون تأثروا بأفكار الحركة الإنسية فوجهوا عدة انتقادات للكنيسة الكاثوليكية وطالبوا بإصلاح ديني يواكب التحولات الإقتصادية والاجتماعية والثقافية. فما دوافع الإصلاح الديني ؟ وماهي أهدافه ؟ وما ردود فعل الكنسية الكاثوليكية ؟
تحديد دوافع الإصلاح الديني في آروبا خلال القرنين 15 و 16م :
أعترت الكنيسة الكاثوليكية في آوربا خلال القرنين 15 و 16 مجموعة مظاهر الإنحراف .
بيع صكوك الغفران من طرف الكنيسة الكاثوليكية :
عادت الكنيسة الكاثوليكية تبيع صكوك الغفران مقابل النجاة من النار وضمان المغفرة له والدخول إلى الجنة حيث كانت الكنسية تبيع صكوك الغفران للفلاحين الذين يمثلون الفئة الفقيرة وليس لهم أية سلطة وبالتالي عليهم الخضوع المطلق للكنسية، وقد نهجت الكنيسة الكاثوليكية عدة طقوس لبيع صكوك الغفران حيث برزت بيعها لهذه الصكوك بحجة بناء كنيسة القديس بروما وذلك في عهد البابا جيل الثاني وخليفته ليون العاشر.
إخلال البابوية بواجباتها الدينية :
شهدت الكنيسة المسيحية في عصر النهضة الأوربية انحراف البعض من البابوات حيث كان البعض تقيا والبعض الآخر يهتم بممارسة الترف والبذح والرخاء حيث أصبحت الكنيسة في هذا العهد تهتم بالأموال أكثر مما تهتم بالإصلاح، ومن البابوات الذين كانوا يتناولون المصاريف الباهضة ليون العاشر (1513 و 1521) .
انتقاد المصلحين الدينيين الممهدين للإصلاح الديني للإنحراف الكنيسة الكاثوليكية :
تم انتقاد الكنيسة من طرف عدة ممهدين للإصلاح الديني :
- المصلح الديني جان ويكلف (1320-1384) : الذي انتقد الكنيسة المسيحية في مبالغها في جمع إكتناز الأموال ولحذلك دعا إلى الإستحواذ على ممتلكات الكنيسة واستلالها في إصلاح البلاد الإقتصادية والإجتماعية والتحذر من استغلالها وسلطتها بعد أن تبين بأن سلوكات رجل الدين لا علاقة لها بما يأمربه الدين المسيحي.
- المصلح الديني جان هس (1370- 1415) قام جون بانتقاد الكنيسة انتقادا شرسا ودعا إلى عدم تقديس البابوية لأن أفكارها وسلوكها بعيدين عن الديانة المسيحية وأن تصرفاتها الفاسدة تتنافى مع القيم التي يدعو إليها الإنجيل، وقد أدى به انتقاده إلى إعدامه من طرف الكنيسة سنة 1415 وذللك بتهمة الهرطقة (الردة) - المصلح الديني إيرازم : انتقاد إيرازم للرهبان المسيحي بكونهم قوم ظلام قساة، استسلموا للخرافات ودعوته للعودة إلى الإنجيل لهم القيم الحقيقية والتخلص من السلطة الكاثوليكية التي تتنافى مع الديانة المسيحية.
قيام الإصلاح الديني البروتستاني بتحقيق أهداف متعددة وقيم مما أدى إلى تطبيق الكاثوليكية لإصلاح مضادة .
ارتبط الإصلاح الديني البروتستا في بتحقيق أهداف متعددة :
- ألمانيا : مارتن لوثر (1483-1546) ارتبطت حركة لوثربتكوينه الديني من خلال زيارته لدوما حيث عاد بانطباع سيء عن حياة البابوية حيث وقف على مظاهر الفساد والانحلال الخلقي من خلال ممارستهم لحياة البذح والملذات، ورفضه لصكوك الغفران لأن المغفرة مرتبطة بالإيمان إنما كان يشغل فكر لوثر هو البحث عن خلاص للإنسان وبالتالي كانت القاعدة الأساسية لحركته هي عقيدة التبرير بالإيمان وتتلخص فيما يلي : نفي العظمة عن رجل الدين ومنع ترويج الصكوك الغفران – الرجوع إلى الكتاب المقدس وفهمه فهما صحيح فهما صحيحا بأن الغفران مرتبط بالعمل الصالح... الإيمان مسألة فردية كما عرفت أطروحات الوثر انتشارا كبيرا في ألمانيا فطلب منه البابا التخلي عن أفكاره ولما رفض اتهمه بالتكفير لقد عارض لوثر كل الصدقات والأموال التي يستغلها رجال الدين بطرق غير شرعية.
لقيت حركة لوترد عما من طرف الفلاحين الذين قاموا بثورة 1542م فعارضها لوثر معارضة شديدة لإيمانه بضرورة الخضوع للسلطة الدنيوية لأنها هبة من الله.
- سويسرا : ارتبط الإصلاح بحركة أوريش زوتغلي حيث اعتمد هذا الأخير مبادئ لوثر في رفضه صكوك الغفران وابتزاز الكنيسة للناس عن طريق جمع الضرائب والعشور إلا أن الأمر سيؤدي إلى اندلاع الحرب ومقتل المصلح زونغلي وهزيمة الجيوش البروتستانية في معركة كابل 1531، وذلك بعد انتشار الإصلاح في سويسرا ثم ارتبط الإصلاح بالحركة الكالفانية التي دافع عنها جان كالفان وقد كانت حركته أكثر تنظيما حيث جمع أفكاره الإصلاحية بشكل منظم في كتابه مبادئ الدين المسيحي الذي ترجمه إلى الفرنسية وقد تضمن مبادئ اتفق بها مع لوثر بإعطاء الأولوية للكتاب المقدس، وربط الغفران بالأمور القدرية، كما اهتم كالفان كذلك بالجانب السياسي حيث كون جمهورية ثيوقراطية لجنيف جعل السلطة فيها للمرشدين الدينيين .
إذ لاحظ تصاعد دور الكنيسة وخضوع الدولة لها.
- الإصلاح الديني في انجلترا : تجلى هذا الإصلاح في وقف العثمانيون الإنجليز موقفا رافضا لرجال الدين، وخلاف هنري الثامن مع البابوية بسبب رفض البابا إلغاء الزواج الأول لهنري مما جعله ينفصل عن البابوية وتزعمه للكنيسة الإنجليزية وبالتالي أعلنت الكنيسة قرارا بتكفيره. كما أصدر البرلمان الإنجليزي قانون السيادة ومضمونه أن الملك هو القائد الأعلى يتمتع بجميع السلط مما أحدث قطيعة نهائية مع الكنيسة الكاثوليكية والفرق الذي وجد بين الحركة الإنجليزية وباقي الحركات الإصلاحية أن هنري الثامن احتفظ بالعقيدة والطقوس، وتراثبية رجال الدين للكنيسة الكاثوليكية فاعتبر عمله انشقاقا داخل الكنيسة الكاثوليكية كما أثار عمله معارضة للإصلاحيين الذين كانوا يرغبون في إصلاح ديني جدري.
طبقت الكنيسة الكاتوليكية إصلاحا مفادا :
اتخذت الكنيسة الكاتوليكية عدة تدابير من أجل تطبيق إصلاح مضاد للبروتستانين وهذه التدابير هي :
- مجمع ترانت : انعقد أول مرة سنة 1545م يأكدا لإعتراف بالترجمة اللاثينية للإنجيل واستمرار الهرمية وصكوك الغفران.
- منظمة اليسوعيين أسسها أغناطيوس دولويولا سنة 1534 ضمت متقفين دافعوا عن البابا والكنيسة والقيام بالتبشير الديني.
- محاكم التفتيش : تأسست ق 12 م أثناء مرحلة الإستيراد ثم إحياؤها لتصفية حركة البروتستانت في ق 16م.
لجنة الثبت : منعث تداور بعض الكتب التي وضعها في قائمة شملت كتب إيرازم والبروتستات والكتاب المقدس.
إستنتاج / خاتمة :
أدى الإصلاح الديني إلى تحطيم الفيودالية مما أدى إلى حدوث تحولات سياسية واجتماعية .