مقدمة : نظام الحماية شكل استعماري قام على الإزدواجية الإدارية بين إدارة استعمارية ذات سلطة فعلية ، و إدارة وطنية ذات سلطة صورية. ماذا عن نظام الحماية و الاحتلال العسكري في المغرب ؟ و ما مظاهر و نتائج الاستغلال الاستعماري ؟ نظام الحماية في المغرب ، و الاحتلال العسكري آلت الضغوط الاستعمارية على المغرب إلى فرض الحماية الأجنبية: *في عهد السلطانين المولى عبد العزيز( 1894- 1908 )والمولى عبد الحفيظ ( 1908 – 1912 ) شهد المغرب أزمة داخلية حادة اقتصاديا و ماليا و سياسيا. *مهدت فرنسا لاحتلالها للمغرب بعقدها الصفقات الاستعمارية مع كل من إيطاليا ( 1902) و إنجلترا ( 1904 ) و إسبانيا ( 1902 – 1904 ) . * عارضت ألمانيا الأطماع الفرنسية في المغرب ،و قام إمبراطورها كيوم الثاني بزيارة طنجة سنة 1905 و ألقى بها خطابا عبر فيه عن ضرورة احترام سيادة المغرب ، و دعا إلى عقد مؤتمر دولي لدراسة المسألة المغربية . وبالفعل عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 . كما كان رد فعل ألمانيا إزاء الاحتلال الفرنسي لمدينتي فاس و الرباط ( سنة1911) هو إرسال سفينة حربية إلى خليج أكادير استعدادا لغزو المغرب ، فتنازلت لها فرنسا عن الكونغو . * منذ سنة 1907 احتلت فرنسا مدينتي الدار البيضاء و وجدة وضواحيهما . وفي سنة 1909 وسعت إسبانيا نفوذها في الريف الشرقي انطلاقا من مليلية ، و استولت على العرائش و أصيلة و القصر الكبير سنة 1911 . * في 30 مارس 1912 تم التوقيع بفاس على معاهدة الحماية التي نصت على قيام فرنسا بالإصلاحات الإدارية و القضائية و التعليمية و المالية و العسكرية في المغرب مع احترام سيادة السلطان و الحفاظ على العقيدة الإسلامية * اتفقت فرنسا مع إسبانيا على إجراءات تنفيذ الحماية في منطقة الاحتلال الإسباني شمال المغرب و وضع طنجة تحت النفوذ الدولي. كرست الأجهزة الإدارية و السياسية بالمغرب في عهدالحماية ( 1912 – 1956 ) الاستغلال الاداري : * قسم المغرب إلى ثلاث مناطق نفوذ أجنبي : منطقة النفوذ الدولي في طنجة ، و منطقة النفوذ الإسباني في أقصى الشمال و الساقية الحمراء و وادي الذهب و طرفاية و إفني ، و منطقة النفوذ الفرنسي في باقي التراب الوطني .( ص 111 الوثيقة 36 من كتاب المنار ) * تميز التنظيم الإداري في منطقة النفوذ الفرنسي بما يلي : - على المستوى المركزي : وجود إدارة استعمارية يرأسها المقيم العام الفرنسي الذي كان يصدر القوانين باسم السلطان المغربي، ويشرف على الشؤون الإدارية و الدبلوماسية و العسكرية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية . تقابلها إدارة مغربية يرأسها السلطان ، و التي ضمت مدير الديوان الملكي و الصدر الأعظم و وزيري الأوقاف و العدل . - على المستوى الجهوي قسمت منطقة النفوذ الفرنسي إلى 7 أقاليم يحكم كل منها موظف فرنسي الذي كان يستعين بأجهزة مختلفة منها المجلس الاستشاري الجهوي. - على المستوى المحلي : قسم كل إقليم إلى دوائر قروية و حضرية يرأس كل منها موظف مغربي يعرف بالقائد أو الباشا . * خضعت منطقة النفوذ الإسباني للمندوب السامي الإسباني الذي تولى السلطة الفعلية ، تاركا سلطة شكلية لخليفة السلطان . و تدرجت الإدارة الإسبانية – مثل الفرنسية – على ثلاث مستويات : مركزية و جهوية و محلية . * بالنسبة لطنجة ، فقد كانت تحكمها ثلاث أجهزة تمثل الهيأة الدبلوماسية و الجالية الأجنبية المقيمة بطنجة و أعيان المدينة و هي المجلس التشريعي و لجنة المراقبة و السلطة التنفيذية . * بعد رحيل ليوطي عن المغرب سنة 1925 ، تحول نظام الحماية إلى حكم مباشر حيث انفردت الإدارة الفرنسية باتخاذ القرارات دون الرجوع إلى السلطان الذي حصرت دوره في الإمضاء على الظهائر . مر الاحتلال العسكري الأوربي للمغربي بعدة مراحل : (الخريطة ص 94 المورد ) - قبل 1912 احتلت فرنسا المغرب الشرقي و المناطق الممتدة من الدار البيضاء إلى فاس . في حين استولت إسبانيا على سيدي إفني و بعض أجزاء الريف . - في الفترة 1912 – 1914 : سيطرت فرنسا على السهول و الهضاب الآطلنتية . - في الفترة 1914 – 1920 : غزت فرنسا الأطلس المتوسط و الأطلس الكبير . - في الفترة 1921 – 1926 : استكملت إسبانيا احتلالها للمنطقة الشمالية . - في الفترة 1931 – 1934 : استكملت فرنسا و إسبانيا السيطرة على المناطق الصحراوية . الاستغلال الاقتصادي الاستعماري و عواقبه على المجتمع المغربي : تعددت أشكال الاستغلال الاقتصادي للمغرب في عهد الحماية : * في الميدان الفلاحي : اتخذ الاستعمار ( الاستيطان ) الفلاحي شكلين أساسين هما : - الاستعمار الرسمي : استيلاء الإدارة الاستعمارية على أراضي المخزن و الجماعة والأحباس . - الاستعمار الخاص : سيطرة المعمرين الأوربيين على أراضي الفلاحين المغاربة بطرق متعددة . * في الميدان الصناعي :اهتم الاستعمار باستغلال المعادن و مصادر الطاقة ، و أدخل إلى المغرب الصناعة الحديثة التي تمركزت في المدن الرئيسية خاصة الدار البيضاء . * في ميدان التجارة و الخدمات : اتخذ الاستعمار المغرب مصدرا للمواد الأولية و سوقا للمنتجات الصناعية . و أقام شبكة حديثة للمواصلات لتسهيل الاستغلال الاستعماري . و شجع الاستثمارات الأجنبية ، و فرض ضرائب كثيرة على المغاربة ( منها المكوس و الترتيب ، و الضريبة المهنية و الضريبة الحضرية ). خلف الاستغلال الاستعماري للمغرب عواقب وخيمة : * عرفت البادية المغربية عدة تحولات اجتماعية يمكن تحديدها على النحو الآتي : - تمركز الأراضي الخصبة في يد المعمرين الأوربيين وعملائهم ، و اكتفاء الفلاحين المغاربة بملكيات صغيرة وفي مناطق أقل خصوبة - قيام علاقات الإنتاج الرأسمالية القائمة على الملكية الخاصة ، و بالتالي تفكك النظام القبلي . - إثقال كاهل السكان القرويين بالضرائب و أعمال السخرة . - انتشار الهجرة القروية نحو المدن و المراكز المنجمية . * شهدت المدن المغربية بدورها تحولات اجتماعية منها : - إفلاس التجار و الصناع التقليديين المغاربة أمام منافسة الاقتصاد الاستعماري العصري . - نشأة الطبقة العاملة التي تمركزت في المدن الكبرى ، و التي عاشت ظروفا مزرية منها طول مدة العمل و ضعف الأجور . فانعكس ذلك على الجانب العمراني حيث ظهرت أحياء الصفيح . خاتمة : ألحق الاستغلال الاستعماري الضرر بمصالح أغلب الطبقات الاجتماعية المغربية . مما أدى إلى نضال المغرب من أجل الاستقلال. شرح العبارات : * المنطقة السلطانية: منطقة النفوذ الفرنسي بالمغرب في عهد الحماية . *المنطقة الخليفية : أقصى الشمال المغربي الخاضع للاحتلال الإسباني في عهد الحماية * أراضي المخزن : أراضي في ملك الدولة . * أراضي الجماعة : أراضي مشتركة بين أفراد القبيلة ( الجماعة ). *أراضي الأحباس : أراضي وهبها بعض الناس للمساجد و الزوايا . * أعمال السخرة : أعمال إجبارية و بدون أجر . |